كلمة رئيسة الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية كلودين عون روكز
في المؤتمر العام السابع لمنظمة المرأة العربية التمكين الاقتصادي للمرأة وتعزيز قيم السلام والعدالة والمواطنة
كلمة رئيسة الهيئة الوطنية لشؤون المرأة اللبنانية
كلودين عون روكز
في المؤتمر العام السابع لمنظمة المرأة العربية
التمكين الاقتصادي للمرأة وتعزيز قيم السلام والعدالة والمواطنة
مسقط – سلطنة عُمان
معالي الشيخة عائشة بنت خَلفان بن جُميّل السِيابية
رئيسةُ المجلس الأعلى لمنظمةِ المرأة العربية
صاحباتُ الجَلالة والسُمو والسَعادة
سعادةُ المديرة العامة لمنظمة المرأة العربية
أيها الحضورُ الكريم
يُشَرِّفُني أن ألتقِيَ بكم هنا في مَسقَط، في إطارِ المؤتمرِ السابع الذي تَعْقِدُه منظمةُ المرأةِ العربية، للتباحُثِ في موضوعٍ نُدرِكُ جميعاً أهَمِّيَتَهُ، ليس فقط لأمورٍ تَهُمُّ النِساءَ وأوضاعَهِنّ، بَل لأنَّهُ موضوعٌ يرتبطُ بتطوِّرِ مجتمعاتِنا العربية بأَسْرِها.
فهدفُ التمكينِ الاقتصادي للمرأة، الذي نَصْبو إلى تحقيقِه، من شأنِه أن يكونَ مِفتاحاً، لو تحقَّقَ، للنُهوضِ بمُجتمعاتِنا إلى مستوياتٍ تَنْموية رفيعة.
لقد دَلَّتِ التجارِبُ العالمية، على أنَّ التمكينَ الاقتصادي للمرأة، والنُمو الذي يُتيحُهُ، يُرسِّخانِ في المجتمع ِقِيَمَ العدالة، وبالتالي قِيَمَ المواطَنَة، ويُعزِّزان فُرَصَ السلام.
إن الدولَ العربية بمُجمَلِها، حَقّقتْ خِلالَ السنواتِ الثلاثينَ المُنْصَرِمة، قَفزةً نوعيةً في مستوياتِ التعليم، وباتَ عددُ الشاباتِ العربيّات يَزيدُ في الجامعات عن عَددِ الشُباب، كما بِتْنَ تَتَفَوَّقْنَ في نَيْلِ الشهاداتِ الأكاديميةِ الرفيعة، ومع ذلك ولغايةِ اليوم، لا تَزيدُ النِسبةُ المِئوية لمساهمةِ النساء في الناتجِ القومي في بُلْدانِنا العربيةِ مُجتَمِعةً، عن 18 بالمئة، فيما تَصِلُ هذه النسبة إلى مُعَدَّلِ 37 بالمئة على الصعيدِ العالمي حَسَبَ أرقامِ البنكِ الدولي. وفي لبنان، فقط 25 بالمئة من النساءِ يَنشُطْنَ إقتصادياً، ونِسْبةُ البَطالةِ لدى الإناث هي ضِعفُ ما هي عليهِ لدى الذُكور.
هذا لا يعني أنَّ النِساءَ في بِلادِنا هُنَّ عالةٌ على المجتمع. بل العكسُ هو الصحيح، فهُنَّ اللواتي يُؤَمِّنَ رعايةَ الأُسرة وتربيةَ الأولاد، وهُنَّ يُضَحِّينَ بتنميةِ قُدُراتِهِنَّ العِلْميةِ والمهنيةِ في هذا السبيل. لكنَّ الواقعَ، هو أن دَوْرَ الرعايةِ الأُسَريّةِ للمرأةِ- الأُم، ينتهي عندما يَكبُرُ الأولاد.
لِذا علينا التباحُثَ في سُبُلِ تأهيلِ ربّاتِ المنازلِ على المشاركةِ في المجالِ الإقتصادي، أو في مجالِ العملِ الاجتماعي التَطَوُّعي، عندما ينتهي دَورُهُنَّ في رعايةِ الأُسرة. ونرى أنّه علينا التباحُثُ في ضرورةِ حَثِّ الدُوَلِ والمُنَظَماتِ العالمية، على احْتِسابِ الخدماتِ التي تُؤمِّنُها رَبّاتُ المنازلِ ضِمنَ الناتجِ القومي.
على صعيدٍ آخَر، علينا أن نَتَناوَلَ في إطارِ تباحُثِنا في موضوعِ تمكينِ المرأة، مَسألةَ الإقتصادِ الهامشي وهو قِطاعٌ تَنشَطُ فيه النساءُ بشكلٍ رئيسي بُغْيَةَ تحديدِ الجوانِبِ السلبية كما الإيجابية لهذه الظاهرة. فليس لنا أن نُنْكِرَ أن هذا القطاعَ الذي لا يَدْخُلُ في أُطُرِ الاقتصادِ الوطني، يُساهمُ مع ذلكَ في مُكافحةِ الفَقِر.
لِذا كان تَعزيزُ مُشاركةِ المرأة في الحياةِ الاقتصادية، مِنَ الأهدافِ التي تَضَمَّنَتْها الاستراتيجيةُ الوطنية للمرأةِ في لبنان، وقد حَرِصَتْ الهيئةُ على تضمينِ خِطةِ عملِها المرحليّة، هَدفَ إجراءِ تقييمٍ لِمدى إدماجِ النوعِ الاجتماعي في الشركاتِ الخاصّة، وتنظيمِ بَرامِجَ ترمي إلى حَملِ المسؤولينَ في المؤسساتِ الاقتصاديةِ الكبرى، على إدراكِ أهميةِ اعتمادِ مقاربةِ النوعِ الاجتماعي في إدارةِ هذه المؤسسات . كذلك تَعمَلُ الهيئة مِن خِلالِ بَرامجَ إنمائية، على تسهيلِ عملياتِ حصولِ النساء على قروضٍّ صغيرة وعلى القروضِ المصرِفية بشكلٍ عام.
أيها الحضورُ الكريم،
عندما نتكلمُ عن ضرورةِ التّمكينِ الاقتصادي للنساءِ، نعني بهذه العبارة جَعلَ النساءِ قادراتٍ على القيامِ بالنشاطاتِ التي تعودُ لَهُنَّ بالرِبحِ المالي، والقُدرةُ هذِهْ تَستَوْجِبُ أولاً الشعور بالاعتزاز والثقة بالنفس. إلى جانب القُدراتِ العِلميّة والتِقنيّة والمالية الضروريّة للنجاح في المجالاتِ الاقتصاديةِ المختلفِة. ولا يمكنُ أن تتحققَ هذه الخطوة، عندما تفتقِرُ المرأةُ إلى منظومةٍ تشريعية وقضائية تحميها من الممارساتِ الخاطئةِ المَوروثةِ من عُصورِ الجَهلِ والفَقْرِ. لذا فقد حرِصنا في الهيئةِ الوطنية لشؤون المرأةِ اللبنانية، على تضمينِ الاستراتيجيةِ الوطنية للمرأةِ في لبنان، هدفاً أساسياً هو العملُ على مُناهضةِ ظاهرةِ العُنفِ ضِدَّ النساء والفتيات، وبعد إقرارِ البرلمان اللبناني لقانونِ حماية النساءِ وسائرِ أفراد الأسرة مِنَ العُنف الأسري، قامت مديريةُ قوى الأمنِ الداخلي مؤخراً، باستحداثِ خَطٍّ هاتفيٍ ساخن، لتلقّي شكاوى النساءِ المُعنَّفات وتأمين الحماية لهنّ.
ونسعى اليوم مع هذه السلطات، إلى إيجادِ مركزٍ مُوحَّدٍ لتقديمِ الخدماتِ للنساء عند تعرُّضِهِنَّ للعنف، إضافةً إلى إطلاق الحملات التَوعويّة المكثّفة لمناهضة العنفِ.
كما نطالبُ بإقرار قانونٍ يُجرِّمُ التّحرّشَ الجنسي بأشكالهِ كافّةً، وخصوصاً في أماكن العمل.
وبعد إلغاءِ البرلمان للمادة 522 من قانونِ العقوبات، التي كانت تُجيزُ لمرتَكِبِ جريمةِ الاغتصاب، الإفلاتَ مِنَ العقوبة في حال تزوّجَ مِن ضحيتِه، نسعى اليوم إلى إلغاءِ الموادِ التي ما زالت تُتيحُ الإفلاتَ مِنَ العِقاب لمَن يرتكبُ جُرْمَ مُجامعةِ قاصرةٍ بلغتْ سنَّ الخامسة عشرة ولا تزالُ دونَ سِنِّ الرُشد.
كذلك نسعى إلى حملِ المشترع على وضعِ قانونٍ يجعلُ مِن سنِّ ال 18 سنة سِناً أدنى للزواج، إذ أن تَزويجَ القاصِرات يؤدّي، إضافة إلى سلبياتِه المتعدِدة، إلى انخفاض نسبةِ التَعلُّم لديهِنّ، وبالتالي انخفاضِ نسبة مُساهَمَتِهنَّ في النمو الإقتصادي.
وعلى صعيدٍ آخر، أشرفتِ الهيئةُ الوطنية على مسارٍ إداري، تمَّ أَثَرَهُ وَضْعُ خِطةٍ وطنية لتطبيقِ قرارِ مجلس الأمن 1325 حول المرأةِ والأمنِ والسلام، تناوَلَتْ في أحَدِ جَوانِبِها، موضوعَ مُشاركةِ النساء في الاقتصادِ وصناعةِ القراراتِ بشأنِه.
ولا يكفي أن يكونَ القانونُ حامياً للمرأة مِنَ العنف، بل له أن يؤمِّنَ لها فُرصاً مماثِلةً لفُرصِ الرجل في مجالِ العمل والضمانِ الاجتماعي. ولهذا الغرض، عَمَدَتِ الهيئة إلى رصدِ القوانين والتدابير المتضمّنة مواداً مُجحِفة بحقوقِ المرأة، وتوصّلتْ إلى تصحيحِ بعضِها، فباتتْ مثلاً النساءُ يَستفِدنَ من تدابيرِ التنزيلاتِ الضرائبية بالقَدرِ الذي يستفيدُ منه الرِجال، وباتتِ الموظفةُ في القطاعِ العام تستفيدُ كما الموظف مِنَ التعويضِ العائلي.
أيها الحضور الكريم،
إن التمكينَ الاقتصادي للنساء مِن شأنِه المساهمة في تطويرِ المجتمع، لِذا نُعيرُ أهميةً أساسية للمساعي التي مِن شأنِها تمكينُ النساء مِنَ المشاركة في المجالسِ القياديةِ في القطاعاتِ كافّةً.
فاليوم تُعتَبَر نسبةُ مشاركةِ المرأة في المجلس النيابي اللبناني وفي الحكومة اللبنانية منخفِضةً جداً، إنما حوالي 25 بالمئة مِن كِبارِ مُوَظَفي الدولة باتوا مِنَ النساء وباتَ عَدَدُ الإناثِ يُقارِبُ عَددَ الذكور في القَضاء والمحاماة والتعليم الجامعي.
والنساءُ يُشَكِّلنَ في لبنان نِسبةَ 24 بالمئة مِنَ الجِسمِ الطبي، و18 بالمئة من أَعدادِ المُهَندِسين، فيما 70 بالمئة مِنَ الصَيادِلَة هُنَّ مِنَ النساء. وكُلُّنا يَعرفُ الدَورَ الذي تلعبُه اللبنانيات في الحياةِ الثقافية والفنّية وفي تنميةِ الذَوْقِ ونَشْرِ الفنون.
أيها الحضورُ الكريم
إن المواضيعَ التي نحنُ في صَدَدِها اليوم، سبَقَ أن تناولَتْها وثيقةُ أهدافِ التنميةِ المستدامة التي اعتُمِدَت عالمياً وتَبنَّتها بدورِها دولتُنا. فنهوضُ مجتمعاتِنا العربية، لن يكتمِلَ إلا إذا شاركتْ به النساءُ العربيات، والسَبيلُ إليه يَكْمُنُ في تعاوِنِ بُلدانِنا مع بعضِها البعض، للتوصُّلِ إلى تحديدِ السُبُلِ الفعّالة لتحقيقِ هذا الهدف. فلنسعى إليه جميعاً.
أخيراً، أتوجّهَ بالشُكُرِ والتقديرِ إلى دولةِ سَلطنة عُمان لاستضافتِها هذا المؤتمر، كما أَشكُرَ منظمةَ المرأةِ العربية لِسَعْيَها الدائم للعملِ على صِيانةِ حُقوقِ ومَصالحِ النساء في أوطانِنا العربية.
شكراً لكنَّ ولكم