شؤون المرأة العربية

سوريات يتخطيّن المألوف ويكسبن رزقهنّ من تشحيم السيارات

 

كونكِ امرأة في مجتمعٍ ذكوري ، لا يعني أنّك غير قادرة ، فأنتِ لستِ ضلع قاصر ، بل مبدع ، وجريء على دخول مهنة لطالما كانت حكراً على الرجال.

حال ابنة مدينة السويداء السورية ” سهير أبو حمدان ” وتبنيها مشروع ” غسيل وتشحيم السيارات ” ، جعل منها مادةً دسمة في وسائل الإعلام ، بشتى أنواعها ومنافذها .

ثقتها بنفسها جعلتها ترفض تماماً فكرة امتهان عمل يشبه ما تقوم به سيدات المنطقة ، وبالفعل دحضت سهير الأفكار التقليدية ، وقررت رسم ملامح مميزة في مجتمعها ، يشار إليها بالأصابع من قبل من كان له طريق لمغسل مقسم بين السيدات والرجال ، أدواته وعمله وخدماته مخصصة للجنسين ، كلُّ على حدة .

صبيتان اثنتان وسهير ثالثتهما يعملن بكدّ من التاسعة صباحاً إلى الخامسة مساء ، بل أكثر من هذا الوقت في حال تطلب العمل ذلك ، تحدّين المجتمع وتقبّلن برحابة صدر لقب ” أول نساء يمتهن عملاً كهذا في سورية ” .

تقدم سهير والبنات العاملات برفقتها خدمات الغسيل والتشحيم وتبديل الزيت لسيارات النساء فقط ، ولكن هذا لا يمنعهنّ من مساعدة الرجال في النصف الآخر من المكان عند الضرورة ، إذا يحظين بدعم زملائهن الرجال الذين يمدحون عملهن ويصفونه ” بالنظيف ” .

توضح مؤسسة المشروع ” سهير أبو حمدان ” لموقع أنباء المرأة العربية أنّها سعيدة جداً بعملها الذي انطلق منذ أكثر من شهرين ، وتعتبره في بداياته إذ ترغب في تطويره ، ورفده بسيدات يتقن ” المكيانيك – وكهرباء السيارات ” .

وعند سؤالها عن فكرة المشروع ودور الرجل به بيّنت أنّ زوجها وقف بجانبها ، ودعمها مادياً ومعنوياً ، فهو مالك البناء بأكمله ، كما أنّه المسؤول عن قسم الرجال ، أمّا هي فتدير قسم السيدات فقط ، والذي حرصت على جعله أهلاً لتقديم الخدمات المعلن عنها ، عبر تدريب الفتيات من قبل مختص لمدة شهر كامل قبل انطلاق المشروع .

وعلى اعتبار أن هذه المهنة لم يسبق للنساء الدخول بها ، فقد أمّنت سهير أدوات تتناسب مع طبيعة المرأة وأنوثتها ، بحيث يسهل التعامل معها ، فعلى سبيل المثال: لا داعي لنزول المرأة إلى أسفل السيارة لتبديل الزيت ، حيث استعانت سهير بجهازٍ حديث يبسّط المهمة ، هذا غير المكنسة الكهربائية المزودة بثلاثة رؤوس لتناسب كافة أنواع السيارات.

تفخر سهير بمشروعها وتجده باباً واسعاً للرزق لها وللعاملات معها ، هذا غير دعمها لصاحبات المشاريع الصغيرة ،  إذ دأبت على شراء قلادات يدوية الصنع من سيدات بسيطات الحال يكسب عيشهنّ بهذه الطريقة ، وقدمت القلادات كهدية لكل سيدة قصدت خدماتها.

إلى جانب ذلك تعمل سهير على غرس فكرة المصداقية والعمل بضمير عند ” زبوناتها ” إذ تجلس المرأة في غرفة علوية ، وتشاهد كيف يتم تقديم الخدمات لسيارتها ، وبهذا المشهد تأمن السيدات على سياراتهن ، ويثقن أنهن في أيدٍ أمينة.

هذا الخط المهني الجديد للسيدات ، قد يقابل بالرفض من قبل البعض ، إلا أن سهير روت لنا مفاجأتها بحجم القبول لمشروعها ، ودعمه من قبل شخصيات معروفة بالمنطقة ، الأمر الذي شكل حافزاً واسعا لها.

وحول الرافضين للمشروع والذين وصفوه بكلمات غير لائقة في مرات قليلة تقول سهير : ” إذا كان لدي باقة ورود بها 100 زهرة جميلة ، رائحتهن فواحة باستثناء اثنتين ، هل أتخلى عنهن لهذا السبب ؟؟ ” ، خلاصة الأمر أنّها لا تكترث للكلام السلبي الذي يشكل عندها ردّ فعل معاكس.

تقول هبة الزغير إحدى العاملات في المغسل والبالغة من العمر 24 عاماً ، واصفة تجربتها : ” استغربت طبيعة العمل عندما شاهدت الإعلان ، فأول مرة أسمع به ، ولكن أتقنته بعد فترة تدريب وجيزة ، وشغفت به ، لأنه مميز عن سواه “.

العمل يجوهر المرأة ، ويزيدها قوة في مجتمعها وأسرتها الصغيرة ، بغض النظر عن طبيعته ، يكفي أنّه يساعدها على كسب قوت عيشها بالكد وعرق الجبين ، إيمانكِ بقدراتكِ يكفي لتكوني مثل سهير ” امرأة بألف رجل ” .

هديل عمار .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى