الشيخة جواهر: الحياة الزوجية الهانئة السبيل إلى مجتمع مستقر
سلَّطت حرم صاحب السمو حاكم الشارقة سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، رئيس المجلس الأعلى لشؤون الأسرة، رئيس تحرير مجلة «مرامي»، في مقالها «مرامينا»، بعنوان «رسالة إلى أسرة مجتمعي»، الضوء على قضية الحياة الزوجية وارتفاع معدلات الطلاق في الفترة الأخيرة، وقالت: إن الحياة الزوجية الهانئة هي السبيل إلى مجتمع مستقر، وأن الرجل وزوجه يكملان بعضهما البعض لبناء مؤسسة ناجحة على التفاهم والثقة، فيما دعت سموها إلى الابتعاد عن الأشياء المزيفة التي تضر المقبلين على الزواج أكثر مما تنفعهم مثل صرف المبالغ الطائلة لتحضيرات الزواج، وغيرها من المصاريف، وبالتالي يكون مصيرهم المشاكل التي تتصاعد وصولاً إلى مرحلة الطلاق.
وجاء في كلمتها الافتتاحية في العدد الجديد من مجلة «مرامي» الفصلية، العدد 138 ما يلي:
«حين يبدأ الرجل والمرأة حياتهما الزوجية، تبدو أحلامهما كبيرة في بناء عشّ أسري يستقران فيه مع ذريّة تجعل للأسرة كياناً مستقبلياً. ولكن كثيراً من هذه الأحلام تصطدم بصخرةٍ كبيرة يكفي جزء منها ليهدم هذا العش على رأس الوالدين والأبناء، هل لأن الزوجين في بداية الأمر وضعا توقعات واسعة لاستمرار وتيرة الاهتمام والحب والمال على ذات المستوى؟ هل ينظر شبابنا وبناتنا إلى الزواج باعتباره خلاصاً من قيود اجتماعية، أو تغييراً لنمطية الحياة التي نعيشها؟ أو مجرّد تجربة تخوضها حتى يأتي وقت إنهائها بالفشل أم ماذا؟ أم أن التسرع في الاختيار، واتخاذ المظهر الخارجي للزوج أو الزوجة معياراً لحسن هذا الاختيار. فضلاً عن النسب والمستوى المالي؟».
وتابعت سموها قائلة: «لهذا، عليهما الإمساك بزمام الأمور.. كيف؟
إفراغ الغضب في البيت على الأطفال وأمهم من جراء ضغوط العمل، أمر ليس فيه إنصاف للكيان الأسري. الغيرة والشكوك غير المبرَّرة واستمرارها على هذا المنوال في كل المواقف، قضبانٌ أكثر تأثيراً من السجون، خاصة إذا كانت الزوجة راغبة في استمرار زواجها، التقصير في تحمّل تكاليف البيت والاعتماد الكلي أو الجزئي على الزوجة، قد لا ينتج عنه سلبيات في الوقت ذاته، ولكنه مع مرور الزمن يرفع الزوج يديه، وتغرق المرأة أكثر في مسؤوليتها عن ميزانية البيت؛ تخطيطاً ودفعاً، فيقوى حضورها حتى وإن تمادى في ظلمها.
اختص الرجل بإدارة البيت؛ لذلك على المرأة أن تحفظ له مكانته في أسرته ولا تقلل من شأنه أمام نفسه ولا أمام أولاده فضلاً عن الآخرين، لا تأتي من الألفاظ أو الأفعال ما يهينه؛ لأنه لن يمرر إهانته إن كان يعتزّ بكرامته ويحفظ هو مكانته عبر مسؤوليته عن اقتصاد البيت ومشاركته في التربية على الطرفين إعطاء كل منهما حقه».
وقالت سموها في افتتاحية مرامي، الصادرة عن المركز الإعلامي والثقافي في المجلس الأعلى لشؤون الأسرة: «تأتينا رسائل كثيرة تتضمن شكاوى وآهات ومتاعب من الأزواج؛ ولأن البيوت أسرار، ولأن الاستماع لطرف دون آخر لا يوضح الحقيقة كما نريد، فإنني أدعو كافة الأزواج والزوجات لأن يعيدوا حساباتهم في هذه العلاقة بما يحقق لهم ولأولادهم الأمان. ليس من الصعب التفاهم بهدوء، ومناقشة المشكلة من دون أن يشعر أحدهما أنه انتصر على الآخر، فكلاكما في مركب واحد، وبالاعتماد على الصمت تأخذ المواقف السلبية اتجاهاً آخر. كل واحد من أسرة وهذا لا يعني أن أحدكما أصبح ملكاً للآخر، ولكل منكما شخصيته ولكل منكما مواهبه وميوله، وكل منكما عليه احترام خصوصية الآخر.
«تزعجنا كثيراً هذه اللامسؤولية تجاه الحياة الزوجية؛ لا تجعلا سعادتكما تنتهي من اللحظة التي بدأت فيها، فالزواج – يا ابنتي – ليس فستان فرح، ومكياجاً خاصاً، ومنافسة، وعدد حضور كبيراً، وكوشة وقاعة ترهق الميزانية، وشهر عسل تعودان بعده وتبحثان عن بقايا الميزانية، ثم أن تبدأ حياة أخرى، ليست تلك التي تتحلى بالمسؤولية، والشغف بإثبات القدرة على قيادة مشتركة للأسرة، وكذلك القدرة على تجاوز المشكلات النفسية التي تتراكم حتى تفجر الاستقرار إلى شظايا.
لا تنتظروا السعادة تأتيكم، اذهبوا إليها، اطردوا الشيطان الذي يحيل العلاقات الزوجية والأسرية إلى جحيم لا تستسلموا له لا تستسلموا لغوايته المتمثلة بموضوعات كثنائية الكرامة والإهانة، وأن أحدكما أهم من الآخر».